سر سورة الفاتحة
قال بعض السلف: سورة الفاتحة سرّ القرآن، وسرّ القرآن هو قوله -تعالى-: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، ومعناها هو أنّنا لا نستعين ولا نتوكّل إلا عليك يا الله، وتكرار كلمة “إيّاك” جاءت لحصر الاهتمام، وفيها التَنَزُّهُ عن الشرك واثبات كلّ القوة لله -تعالى- وحده لا شريك له.
وتفويض الأمر له، وقد جاءت هذه الآية موافقة لآيات أخرى في القرآن الكريم، ومنها قوله -تعالى-: (فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ)، وقوله -تعالى-: (قُلْ هُوَ الرَّحْمَـنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا)، وقوله -تعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)وغيرها من الآيات التي تحمل نفس المعنى.
وقال ابن القيم: “وسرّ الخلق والأمر، والكتب والشرائع، والثواب والعقاب، انتهى إلى هاتين الكلمتين: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وعليهما مدار العبوديّة والتوحيد”، ويُستفاد من الآية الكريمة أنّ إفراد الله -تعالى- بالعبادة كالصلاة والدعاء هو أساس الدين، وأن الاستعانة لا تكون إلّا بالله -تعالى- الذي بيده ملكوت كل شيء، فهو الشافي من كل مرض، الرازق، الهادي، الموفِّق، قال رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ).
فضل سورة الفاتحة
اعظم سورة فى القران
إنّ لسورة الفاتحة العديد من الفضائل، ومنها ما يأتي:
سورة الفاتحة هي أعظم سورة في القرآن الكريم، فقد جاء في صحيح البخاري أنّ الصحابي الجليل أبا سعيد بن المعلى -رضي الله عنه- كان مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، وقد قال له النبيّ إنّه سيعلّمه أعظم سورة في القرآن، فقال: (الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ، هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ)،سورة الفاتحة فيها مواضيع متنوعة تُجمِلُ مواضيع الدين، ففيها المدح والثناء على الله -عز وجل-، وفيها معنى توحيد الله -تعالى-، وطلب الهداية والاستعانة منه. سمّاها الله -تعالى- بالسبع المثاني حين قال: (وَلَقَد آتَيناكَ سَبعًا مِنَ المَثاني وَالقُرآنَ العَظيمَ)،وذلك لأنها آيات تتكرّر في كلّ ركعة من كل صلاة، هي ومتضمّنة لأركان الإسلام ومعاني التعبد والعاقبة والتوحيد والنبوة.
سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي أوجب الله -تعالى- قراءتها في الصلاة نظراً لفضلها وأهميتها.
سورة الفاتحة هي سورة تجوز بها الرقية الشرعية، وقد أقرّ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ذلك حين قال للصحابي أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: (وما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ). سورة الفاتحة مشتملة على أسماء الله الحسنى التي تُعدّ شاملة لما سواها من الأسماء وهي: الله، والرحمن، والرّب.
سورة الفاتحة حرزٌ من الجن والإنس.
مواضيع سورة الفاتحة
تضمّنت سورة الفاتحة العديد من المواضيع المهمّة، ومنها ما يأتي: ذكرت سورة الفاتحة العديد من المواضيع وهي: الثناء على الله -تعالى-، والتوحيد، والاستعانة به، والدعاء بالهداية.
ذكرت سورة الفاتحة أسماء الله: “الرّب، والله، والرحمن”، وهي من أسمائه التي تعتبر شاملة لباقي أسماءه الحسنى، وتضمّنت الدعاء والشكر لله، فالحمد لله على هدايتنا ومعرفتنا للطريق الصحيح، حيث إنّ الناس على ثلاثة أصناف: قسمٌ عَرَفُوا الحقَّ ولم يتّبعوه؛ وهم المغضوبُ عليهم، وقسمٌ لم يعرفوه وهم الضَّالون، وقسمٌ عَرَفُوهُ وعَمِلُوا به وهم المنعَم عليهم، ولذلك يأتي الدعاء بالهداية في سورة الفاتحة حتى يكون المسلم ممّن أنعم الله -تعالى- عليه مع المهتدين.
اشتملت سورة الفاتحة على أساسيّات الشريعة؛ كالعقيدة، والعبادة، والتشريع، وصفات الله -تعالى-، والعاقبة والحساب، والتوحيد، والدعاء والاستعانة به، وذلك للابتعاد عن طريق الضلال وسلوك طريق المنعم عليهم.
تأتي سورة الفاتحة مقدمة للقرآن الكريم حتى يعلم الناس ما سيأتي في القرآن من المعاني العظيمة بالمجمل.