هبوط آدم إلى الأرض
خلق الله -سبحانه وتعالى- آدم عليه السلام في الجنة، وبعدها خلق له حواء لكي تؤنسه ويأوى إليها، ثم تفضل عليهما بالسكن في الجنة والاستمتاع بها والأكل من طيباتها، وحذرهما كلاهما من الاقتراب من شجرة معينة في الجنة، وقال بإن من يقترب من هذه الشجرة يكون متجاوزاً لحدود الله -سبحانه وتعالى
قال تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ).
ولكن الشيطان اللعين من حسده وغيظه من آدم وحواء لم يكف عن الوسوسة لهما بالاقتراب من هذه الشجرة والأكل منها، وحلف لهما وادعى أنه ناصح أمين لهما، وأن هذه الشجرة حرمت عليهما لأنها مميزة والأكل منها كفيل بتحويلهما إلى ملَكين وجعلهما خالدين في الجنة أبداً، فأكلا من الشجرة التي حذرهما الله تعالى من الأكل منها، وبدت لهما عوارتهما وأخذا يسترانها من أوارق الجنة.
وبعدها ناداهما الله -سبحانه وتعالى- قائلاً ألم أحذركما من هذه الشجرة ومن وسوسة الشيطان وأنه عدوٌ لكما؟
قال تعالى: (وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ).
وبعد ذلك أُهبط كل من آدم وحواء وإبليس إلى الأرض وأخرجوا من الجنة، وأمر الله تعالى آدم وحواء بالبقاء في الأرض والاستقرار فيها والتمتع بما فيها إلى حين قيام الساعة ليتم إخراجهم ومحاسبتهم.
قال تعالى: (قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ* قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ).
توبة آدم عليه السلام
بعد أن أكل آدم -عليه السلام- من الشجرة، أحس بتأنب الضمير وندم على معصيته لأوامر خالقه -جل وعلا-، وبادر فوراً بالتوبة إلى الله -سبحانه وتعالى- وإعلان ذله وخضوعه له، على عكس ما فعله إبليس اللعين من تكبر وتمرد.
وطلب آدم وحواء من ربهما -عز وجل- أن يتوب عليهما، وأنهما مقران بفعلتهما ونادمان عليها، قال تعالى: (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
قبول الله لتوبة آدم
بالرغم من عصيان آدم لأوامر الله -سبحانه وتعالى- إلا أن مسارعته بالندم والتوبة إلى الله -عز وجل- أدت إلى قبول توبة الله تعالى عليه، قال تعالى: (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى).
بل إن الله تعالى هو من أرشده لكيفية التوبة وإلى ما يجب عليه قوله وفعله لتصح توبته؛ قال -عز وجل-: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
لحكمة من وقوع آدم في المعصية قد يظن البعض أن إنزال الله تعالى لآدم كان بسبب الغضب عليهما؛ ولكن الآيات الكريمة تفيد أن الله -تعالى- قد تاب عليهما قبل إنزالهما إلى الأرض، ويضاف إلى ذلك وجود العديد من الحكم من السماح لآدم في الوقوع بالمعصية، نبين بعضاً من هذه الحكم على النحو الآتي:
هداية آدم إلى التوبة إلى الله عز وجل ورفع منزلته بهذه التوبة الصادقة. أن الله -سبحانه وتعالى- قبل إنزال آدم إلى الأرض علمه جميع الأمور التي يحتاجها لكي يتعايش في الأرض ويستقر بها ويعمرها، وقد نشأ عن ذلك لاحقاً مختلف العلوم على تنوعها.
من ذرية آدم عليه السلام جاء إلى الأرض أشرف خلق الله -تبارك وتعالى- وهم الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام.